روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | معالم التوحيد في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ـ1

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > معالم التوحيد في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ـ1


  معالم التوحيد في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ـ1
     عدد مرات المشاهدة: 2377        عدد مرات الإرسال: 0

¤ مقدمة:

المتأمل في القرآن الكريم، وسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الدعوة، يصل إلى حقيقة واضحة وهي:

ـ أن غالب آيات القرآن الكريم جاءت في تقرير عقيدة التوحيد، توحيد الإلوهية والربوبية والأسماء والصفات، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده لا شريك له، وتثبيت أصول الإعتقاد -الإيمان والإسلام.

ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى غالب وقته -بعد النبوة- في تقرير الإعتقاد والدعوة إلى توحيد الله تعالى، بالعبادة والطاعة، وهذا هو مقتضى لا إله إلا الله محمد رسول الله.

كما يدرك المتأمل أن الدعوة إلى العقيدة تأصيلاً وتصحيحاً شملت الجزء الأكبر من جهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ووقته في عهد النبوة.

... وإليك بيان ذلك:

1= أن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى ثلاثا وعشرين سنة في الدعوة إلى الله، وهي عهد النبوة، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، جلها كانت في الدعوة إلى تحقيق -لا إله إلا الله محمد رسول الله- أي الدعوة إلى توحيد الله تعالى وحده لا شريك له، ونبذ الشرك وعبادة الأوثان وسائر الوسطاء، ونبذ البدع والمعتقدات الفاسدة.

ومنها عشر سنين في المدينة، وكانت موزعة بين تشريع الأحكام، وتثبيت العقيدة، والحفاظ عليها، وحمايتها من الشبهات، والجهاد في سبيلها، أي أن أغلبها في تقرير عقيدة التوحيد وأصول الدين، ومن ذلك مجادلة أهل الكتاب، وبيان بطلان معتقداتهم المحرفة، والتصدي لشبهاتهم وشبهات المنافقين، وصد كيدهم للإسلام والمسلمين، وكل هذا في حماية العقيدة قبل كل شيء.

ومن ثمَّ، فإن أي دعوة لا تولي أمر العقيدة من الإهتمام كما أولاها رسول الله، صلى الله عليه وسلم -علماً وعملا- فهي لم تتبع نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة.

2= أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قاتل الناس على العقيدة -عقيدة التوحيد- حتى يكون الدين لله وحده، وعلى تلك العقيدة المتمثلة في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وعلى الرغم أن سائر المفاسد والشرور كانت سائدة في ذلك الوقت، ومع ذلك فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جعل الغاية من قتال الناس تحقيق التوحيد، وأركان الإسلام، فقد قال، صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله».

وهذا لا يعني أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يبال بالأمور الأخرى، أو يسعى لإصلاحها، كالدعوة إلى الفضائل والأخلاق الحميدة، من البر والصلة والصدق والوفاء والأمانة، وترك ضدها من الآثام والكبائر كالربا والزنا والظلم وقطيعة الرحم، وحاشاه ذلك، لكنه جعلها في مرتبة بعد أصول الإعتقاد، لأنه يعلم وهو القدوة، صلى الله عليه وسلم، أن الناس إذا إستقاموا على دين الله وأخلصوا له الطاعة والعبادة حسنت نياتهم وأعمالهم، وفعلوا الخيرات وإجتنبوا المنهيات في الجملة، وأمروا بالمعروف حتى يسود بينهم ويظهر، ونهوا عن المنكر حتى لا يظهر ولا يسود.

إذن فمدار الخير على صلاح العقيدة، فإذا صلحت إستقام الناس، على الحق والخير، وإذا فسدت فسدت أحوال الناس، وإستحكمت فيهم الأهواء والآثام، وسهلت عليهم المنكرات، وإلى هذا يشير الحديث الصحيح عن النبي، صلى الله عليه وسلم،: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

فالرسول، صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى كونه دعا إلى إخلاص الدين لله، وقاتل الناس حتى يشهدوا بكلمة الإخلاص، فإنه، صلى الله عليه وسلم، كان يدعو إلى الأخلاق الفاضلة، جملة وتفصيلاً، وينهى عن ضدها، جملة وتفصيلاً.

وكما اهتم، صلى الله عليه وسلم، بإصلاح الدين، كان يعمل على إصلاح دنيا الناس، إنما كان ذلك كله في مرتبة دون الإهتمام بأمر التوحيد وإخلاص الدين لله وحده، وهذا ما يجهله أو يتجاهله المنازع في هذه المسألة.

3= إذ تأملنا القرآن الكريم، المنزل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رحمة للعالمين ومنهاجاً للمسلمين إلى يوم الدين، وجدنا أن أغلبه في تقرير العقيدة وتقرير أصولها، وتحرير العبادة والطاعة لله وحده لا شريك له، وإتباع رسوله، صلى الله عليه وسلم.

فإن أول شيء نزل به القرآن، وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يفعله هو أن يكبر الله تعالى ويعظمه وحده، وأن ينذر الناس من الشرك، وأن يتطهر من الآثام والذنوب وغيرها، ويهجر ما هم عليه من عبادة الأصنام، ويصبر على ذلك كله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ*وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ*وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر :1-7].

ثم إستمر القرآن الكريم، يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم سائر العهد المكي، لتثبيت العقيدة وتقريرها، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده، واتباع رسوله، صلى الله عليه وسلم.

لذلك نجد أن أغلب آيات القرآن الكريم في العقيدة: إما بصريح العبارة، وإما بالإشارة، حيث إن معظم القرآن جاء في تقرير توحيد الإلوهية وإخلاص العبادة لله وحده، وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات وأصول الإيمان والإسلام، وأمور الغيب والقدر خيره وشره، واليوم الآخر، والجنة وأهلها ونعيمها، والنار وأهلها وعذابها -الوعد والوعيد- وأصول العقيدة تدور على هذه الأمور.

وقد ذكر العلماء أن القرآن: ثلث أحكام، وثلث أخبار، وثلث توحيد. وهذا ما فسروا به قول النبي، صلى الله عليه وسلم: «قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن»، فإن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إشتملت على أعظم التوحيد والتنزيه لله تعالى.

وحتى آيات الأحكام لا تخلو من ذكر للعقيدة وأصول الدين، وذلك من خلال ذكر أسماء الله وصفاته، وطاعته وطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم وذكر حكم التشريع... ونحو ذلك. وكذلك آيات الأخبار والقصص أغلبها في الإيمان والإعتقاد، وذلك من خلال أخبار المغيبات والوعيد واليوم الآخر، ونحو ذلك.

وبهذا يتحقق القول: بأن القرآن الكريم، هو الهادي إلى التي هي أقوم إلى يوم القيامة، وغالب آياته في تقرير العقيدة والدعوة إليها والدفاع عنها والجهاد في سبيلها.

المصدر: اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.